حسن البربري يكتب: ماذا يريد العمال من الانتخابات البرلمانية القادمة؟
مع اتساع الجدل في الآونة الأخيرة حول الانتخابات البرلمانية مع صدور مشروعي قانون الانتخابات الي الأفق ، يلوح في الأفق سؤال كبير مشروع: أين موقع الطبقة العاملة من هذا المشهد؟ وماذا يريد العمال، الذين يشكّلون النسبة الأكبر من الشعب، من هذا البرلمان القادم؟
لكن قبل أن نتحدث عن المطالب، لا بد من التوقف أمام الوضع الراهن للطبقة العاملة المصرية، الذي يتسم بقدر عالٍ من التهميش والتجريف والتعدي على الحقوق والمكتسبات، سواء من خلال القوانين أو السياسات أو حتى الممارسات اليومية في مواقع العمل.
أولًا: وضع مأزوم للطبقة العاملة
شهدت السنوات الأخيرة هجومًا واسعًا على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للعمال، تمثل في:
تصفية عدد من كبرى شركات القطاع العام مثل شركة الحديد والصلب، والشركة القومية للأسمنت، وغيرها، في ظل تجاهل تام لمصير العمال والتوسع في نظام العقود المؤقتة والعمل الهش، دون ضمانات للتأمين أو الأجر العادل أو الأمان الوظيفي اما عن حالتهم الاقتصادي و برغم صدور قرار ال 7000 جنيه الا ان هذا الحد الأدنى للأجور في مقابل تضخم متصاعد وأسعار ملتهبة غير كافي لتغطية الاحتياجات الأساسية هذا بخلاف غياب تام لاليات تطبيقه , من زواية اخري نجد القيود المشددة على التنظيم النقابي، وفرض بيروقراطية خانقة على تأسيس النقابات المستقلة، ما أدى إلى تراجع الدور التفاوضي للعمال.
ثانيًا: تغييب العمال عن البرلمان والمشهد السياسي
رغم أن العمال يمثلون قوة ضخمة في المجتمع، إلا أن حضورهم داخل البرلمان يكاد يكون رمزيًا، ويقتصر غالبًا على ممثلين لا يعبرون عن القواعد العمالية الحقيقية، بل يكونون قريبين من دوائر السلطة، أو معينين بطرق لا تتيح تمثيلًا ديمقراطيًا حقيقيًا.
ومن أبرز أسباب هذا التغييب:
- قانون الانتخابات الذي لا يضمن تمثيلًا عادلًا للعمال، بعد إلغاء نسبة العمال والفلاحين التاريخية.
- التضييق على النقابات المستقلة والأحزاب ذات التوجه العمالي، ما يعيق ظهور قيادات نقابية وسياسية تمثل هموم الطبقة العاملة.
- سيطرة رأس المال على المشهد السياسي، وتحالفه مع القوى المهيمنة، مما يجعل القضايا العمالية في مؤخرة أولويات التشريع والرقابة.
ثالثًا: ماذا يريد العمال من البرلمان القادم؟
من أبرز مطالب العمال:
1- سن قوانين تحمي من الفصل التعسفي، وتمنع التسريح الجماعي.
2- رفع الحد الأدنى للأجور وربطه بمعدلات التضخم.
3- إعادة النظر في قرارات تصفية شركات القطاع العام.
4- ضمان تمثيل عادل للعمال في البرلمان.
5- استقلالية النقابات العمالية.
6- توفير الحماية الاجتماعية والصحية لعمال اليومية والعمل غير المنتظم.
رابعًا: وقائع من العام الماضي تكشف المأساة
ما جرى خلال عام 2024 يعكس حجم الأزمة العمالية في مصر، ومنها:
- في شركة سيراميكا إنوفا، تم فصل 45 عاملًا وفرض إجازات قسرية على 350 عاملًا من ضمنهم 130 من ذوي الإعاقة.
- في شركة الشرقية للدخان، خرج العشرات من العمال في وقفات احتجاجية بعد تقليص الحوافز السنوية وخفض الأجور، في ظل أرباح طائلة تحققها الشركة وأخيرا ترهيب و تعسيف وفصل للعمال لإجبارهم علي بيع اسهمهم
- في شركة T&C لصناعة الملابس، احتج العمال بعد فصل تعسفي طال أكثر من 60 عاملاً، ومحاولة فرض عقود جديدة تقلص من حقوقهم.
- موظفو البنك الزراعي المصري خاضوا وقفات احتجاجية على مدار شهور للمطالبة بتطبيق العلاوات وتحسين بيئة العمل وإنهاء التمييز بين العاملين و أخيرا يواجهون الفصل و التسريح من عملهم
- في جامعة حلوان، نظم العاملون بالجهاز الإداري احتجاجات متكررة اعتراضًا على تدني الرواتب، وغياب العدالة في الحوافز والمكافآت مقارنة بزملائهم في جامعات أخرى.
أخيرا , ما يريده العمال من الانتخابات القادمة ليس أكثر من حقوقهم المشروعة في حياة آمنة وعادلة، ووظيفة مستقرة، وصوت يُسمع داخل البرلمان. إن لم يكن هذا البرلمان صوتًا لمن يعمل ويتعب ويُنتج، فصوت من سيكون إذًا؟