سابقة هي الأولى من نوعها.. توصية من هيئة مفوضي الدولة بأحقية زوجة سجين في إجراء حقن مجهري
أفاد المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الأحد، بأن هيئة مفوضي الدولة بمحكمة القضاء الإداري، أوصت بأحقية مواطنة في الحصول على عينات وتحاليل من زوجها المحكوم عليه بالسجن المشدد لمدة 15 سنة والمودع بمركز الإصلاح والتأهيل بالمنيا، لإتمام عملية الحقن المجهري على نفقتها الخاصة، وهو ما يمثل “سابقة هي الأولى من نوعها”.
ووفق المركز المصري، وأوضحت الهيئة في تقريرها بشأن الدعوى رقم 41283 لسنة 79 ق، الصادر بتاريخ أبريل 2025، إن الدستور المصري نص على أن الأسرة أساس المجتمع وأن دور الدولة الحرص على تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها، وأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بأمر قضائي، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون.
وأشارت الهيئة أيضا إلى أحكام سابقة للمحكمة الإدارية العليا والمحكمة الدستورية العليا بأن الحرية الشخصية للمواطن تأتي في أعلى مدارج حقوقه التي كفلها الدستور باعتبارها حقا طبيعيا، ومنها الحق في الزواج وما يتفرع منه من الحق في تكوين أسرة وتنشئة أفرادها، ومؤدى ذلك أن معاملة المواطن المحبوس أو المقيدة حريته المعاملة التي تحفظ عليه كرامة الإنسان.
واستعان التقرير بقضية “ديكسون ضد المملكة المتحدة” وهي إحدى القضايا البارزة التي نظرتها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وتتعلق بحقوق السجناء في تكوين أسرة، حيث رأت المحكمة أن السجناء لا يفقدون حقوقهم الأساسية تلقائيًا بسبب سجنهم، وأن توفير مرافق التلقيح الصناعي لن تشكل مشكلة أمنية أو أي مطالب إدارية أو مالية كبيرة على الدولة.
وفي هذا الشأن، كان كيرك ديكسون، وهو سجين يقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة بتهمة القتل، تقدم وزوجته لورين ديكسون، بطلب إلى السلطات البريطانية للسماح لهما بالوصول إلى خدمات التلقيح الصناعي بهدف إنجاب طفل، وهو ما رفضته السلطات، إلا أن الغرفة الكبرى للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، قضت حينها بأن رفض السلطات البريطانية السماح بالوصول إلى خدمات التلقيح الصناعي يمثل انتهاكًا للمادة 8 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
كما استعانت الهيئة في تقريرها بقواعد نيلسون مانديلا، المعروفة، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة رسميًا باسم “القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء”، للتأكيد على مسؤولية الدولة عن توفير الرعاية الصحية للسجناء، على نفس المستوى المتاح في المجتمع، مع الحق في الحصول على الخدمات الصحية الضرورية مجانا ودون تمييز على أساس وضعهم القانوني، بحسب المركز المصري.
واستعانت الهيئة أيضا بقرار رئيس الجمهورية رقم 536 لسنة 1981 بشأن الموافقة على الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية التي أقرتها في 16/12/1966، التي نصت في المادة 6 منها على أن “لكل إنسان الحق الطبيعي في الحياة، ويحمي القانون هذا الحق ولا يجوز حرمان أي فرد من حياته بشكل تعسفي”.
كما نصت المادة 9 على أنه لكل فرد الحق في الحرية والسلامة الشخصية، ولا يجوز القبض على أحد أو إيقافه بشكل تعسفي لا يجوز حرمان أحد من حريته على أساس من القانون وطبقا للإجراءات المقررة فيه، ونصت المادة 10 على أن مادة 10 على أن يعامل جميع الأشخاص المحرومين من حرياتهم معاملة إنسانية مع احترام الكرامة المتأصلة في الإنسان.
واستعانت هيئة مفوضي الدولة أيضا بنص المادة 23، التي تنص على أن العائلة هي الوحدة الاجتماعية الطبيعية والأساسية في المجتمع ولها الحق في التمتع بحماية المجتمع والدولة، ويعترف بحق الرجال والنساء الذين في سن الزواج بتكوين أسرة.
وبالإضافة إلى ذلك استعانت بالقانون رقم 396 لسنة 1956 بشأن تنظيم مراكز الإصلاح والتأهيل المجتمعي، المعدل بالقانون رقم 14 لسنة 2022، للتأكيد على حق السجين في المعاملة الإنسانية والزيارة، وحقه في الصحة، وإجراء الفحوص والتحاليل الطبية اللازمة له.
وأكدت الهيئة أن إقرار قانون تنظيم السجون الحق في الرعاية الصحية، وصولا إلى إلزام الجهات الإدارية المسؤولة عن السجين المودع لديها بإخراجه لمستشفيات خارج مركز الإصلاح والتأهيل المجتمعي المودع فيه لتلقي العلاج اللازم، فإن السماح لزوجة المسجون بعمل الإجراءات الطبية اللازمة لزوجها والحصول على العينة اللازمة لإجراء الحقن المجهري، يتماشى مع أهداف الدستور والقانون.
وثمن المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية هذا “التقرير التاريخي”، ولفت إلى أنه يأمل أن تعتمد المحكمة على توصياته في حكمها في ضوء ما سرده من أسانيد وانتهى إليه من توصيات.